الثلاثاء، 23 فبراير 2010

ابتسامات رافضة

يخرج من بيته قبيل العشاء متوشحا عباءته السوداء وعمامته المصنوعة من الصوف الخشن والمحاطة بالشال الابيض الذي لا يبين غالبا لونه..يتوجه الي المسجد مصليا وعائدا لمنزله..عودته تعني ان كل من في البيت في انتظار تناول العشاء معه...زوجته سعيدة بقدومة....تقدم له قطعة الصابون الصغيرة لغسل يديه بعد عناء يومه المعتاد في قطعة الارض التي ليس له مصدر رزق سواها..اولاده يلتفون حول موقد الفحم الذي يعدونه له قبل مجيئه..يمسك الصغار بارغفة الخبز نحو الجمرات المحمرة منتظرين مجئ الام بما يشتهون.. عندمايمسك العم سعيد بمذياعه الصغير متنقلا بين محطات الراديو..تستشعر حالة سكون تعم البيت..كلهم بدركون ان هنالك ما يستحق السماع..كان يضرب كفا بكف كلما سمع بشئ اصابته ضراء كانه الطرف المصاب..شيوخ القرية يقولون عنه(حمال هموم)..يتجاذب اطفاله قطع النار..تتناثر فتصير شظايا ..يوقف العم سعيد المذياع..يوشك ان يضربهم بعصاه المعوجة..تاتي زوجته حاملةالعشاء .. يسبقها صوت الخلخال..تهدا ثورته..يجلسها بجواره..يرمقها بنظرات حانية تزيل تجاعيد اليوم المكتظ بعمل لا يتناهي..يسالها عما فعل الاولاد في غيابه..تحكي له عن واحد منهم اقصوصة ربما لم تحدث..الاولاد ينتظرون صافرة البداية كي يبداوا الطعام..زوجته تتعجل مد اياديه كي لا يتاخر عن موعد نومه..البلدة كلها لم تكن حظيت بالكهرباء بعد..حالة من الفرح تنتابهم بعد ان تناول اول لقمة..راوها اشارة المرور للطعام..زوجته توزع قطع اللحم الصغيرة عليهم..تختصه بقطعة اكبر..يتناولها..خلسة يضع في فمها جزءا مما اعطته اياه..براد الشاي المغلي يتقلب في النار المشتعلة امامه...تصبه له وقد اتكا علي الحائط الذي بناه من الطوب اللبن من سنوات وقد اوشك علي الانحناء ...الاولاد لم يعتادوا شراب الشاي.يسالونه ان كان يطلب شيئا ..يمنحهم ابتسامة الرفض .يتسابق كل منهم كي يحصل علي غطاء للنوم..يصحب زوجته الي غرفته التي ميزها ذاك السقف المحبوك بجريد النخل..لمبة الكيروسين علي موعد مع الانطفاء عند سماعهم لام كلثوم..تطفئها زوجته..يدخلا الفراش سويا..ضحكات خافته تحيطهم...يقفز احد الاولاد من الفراش:
احكي لنا باقي حكاية ابو زيد الهلالي

ليست هناك تعليقات: