الثلاثاء، 23 فبراير 2010

خرائط الوهم

يراها في مخيلته..بين سطوره..في ذاكرته..يترسمها حينا..يترصدها حينا اخر..يتساءل عنها..يترقب وصولها..يستجدي مرور الايام ليراها كما كانت محلقة وهائمة ومرفرفة حولة...تتجدد صورتها كلما صادمته الايام المضربة عن الشموخ..يتعجلها كلما شعر بالاغتراب..يستدنيها كلما اوجعته الايدي العابثة بثنايا الفكر..هي وحدها القادرة علي فك رموز الموج الهادر والاعصار الكامن في ظل تجاهله من قبل نفوس تاباه وقلوب لا تتقبله..لم يكن كغيره من من احاطوا به..ظل طويلا لا يتوقف عن التجوال ما بين مراجع البحث والمعامل والورش الصغيرة..اصبح منزله ورشة صغيرة..استطاع في فترة قياسية ان يسجل عديد من براءات الاختراع..استغرق وقتا طويلا في الوصول لاشياء لم يبتكرها احد من قبل..كلما انتهي من جديد تتورم قدماه بين المكاتب تارة وفي الوزارات المختلفة تارة اخري..دائما ما كانت ابحاثه قيد الادراج وفوق مكاتب من لم تمحي اميتهم بعد..يعيد الكرة تلو الاخري..تتلقاه ابتسامات لا تشفي مرارته ولا تزيل دهشته..لم يستطع ان يحسب تعداد المكاتب التي حول اليها..والبيانات التي تطلبت توقيعات لا تنقطع..خيبات الامل تلاحق مسراه..العتمة تسكن جوفه..سخرية تنهش ما تبقي من جسد هزيل..منهزم امام اسرته التي انتظرته طويلا...كانت امانيه ان يفجر الاحلام في ارض تترفق به..ان يكسر عصا الموت المتوجس فيها..ان يروي ظما تراب لم يسقي الا من ماء اسن..ان يصنع شيئا لبلاد اسقطتها الخرائط وانكرها التاريخ..
لم يعد شئ يخالجه الان الا سواها..ها هي اقتربت علي مرمي البصر..اعد جواز سفره مسبقا..خطواته اليها متثاقله..دموعه متحجرة..حالة من دوار..لم يستطع النظر الي الخلف ..موعد اقلاعها اوشك..واتجهت طائرته الي نيورك

ليست هناك تعليقات: